زرتُ اليوم مقر عملك -بنقابة الأطباء-
كان اليوم الأصعب بعد غيابك
لم أتخيل يوماً أن أزوره دون وجودك
كان غريباً عني
مكانك وليس مكانك
أنفاسك كانت هناك وأصدقاؤك كذلك
لكنك لم تكن
بالتأكيد تعلم لماذا ذهبتُ
مُرغمة
قالوا: هناك معاملات ومستحقات لتأخذوها
أيجب أن نأخذها لتكون أخر صلةً لك بالمكان؟
بداية الأمر عندما كنت أسير بشارع القصر العيني
ففي كل منعطفٍ لحظة من حياة
كانت خطاي مرتجفة وكلما اقتربتُ كان الأمر يزداد صعوبة
فللشارع ذكريات معنا
هنا سرنا معاً
وهنا أخذتني لنذهب لدار الحكمة لحضور مهرجان الأنشودة
وهنا أكلنا كشري في محل "الصباح"
هنا ذهبنا لـ مقلة "القصر" لتشتري لنا "لب" و"عسلية"
هنا أخذتني من يدي لتعرفني على أصدقائك وزملاء العمل
"دي بنتي هنودة الصحفية"
ما بالك حين دخلتُ مبنى عملك
كل شيئٍ لم يتغير
كما تركتَه
إلا حجرة مكتبكم
فالأخرى تحن إليك أعلم ذلك
رائحة عطرك مازالت فيها
وحركاتك ونظراتك ولفتاتك
الأصعب حين أُعرِّف نفسي لمَن يعرفك ولا يعرفني
فتأتي كلمات المواساة الحادة على المشاعر
والتي لم يقبلها القلب فيك
كدتُ أبكي وأنا عائدةٌ إلى عملي
تركتُ خلفي النقابة وكلّي أملٌ أن أسمعك تناديني في أية لحظة
لتسلم عليّ أو تضع قبلةً على خدي وتربت على كتفي
لكنك لم تفعل
أقنعتُ نفسي أنك لو تعلم مجيئي لفعلت ذلك
أو أنك تغيبتَ في ذات يوم مجيئي
وتذكرتُ..وسيل الذكريات لم يتوقف
أعتقدُ أن الحياة لن تٌنسيني إياك
بابا موضعك في قلبي دائماً